اخبار وطنية

الصفقات العمومية محور ندوة دولية

محمد أبوخصيب

أكد مجموعة خبراء وأساتذة جامعيون على حتمية تجويد وتحسين فعالية نظام الصفقات العمومية، وذلك من أجل المحافظة على المال العام، مشيرين إلى أهمية اعتماد منظور شمولي ومندمج لتدبير هذا القطاع، أخدا بعين الاعتبار مختلف الأبعاد القانونية والاجتماعية المرتبطة بها، من بوابة تحقيق المعادلة الأساسية المتجسدة في جعل الطلبيات العمومية آلية ناجعة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في سياق الحديث عن صنع نموذج تنموي فعال بالمغرب، وذلك خلال الندوة الدولية التي احتضنتها كلية الحقوق بالمحمدية، بحر الأسبوع الجاري.

وأشار محمد حيمود، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، إلى إن كل مقتضيات القانون التنظيمي للمالية سنة 2015 لم تدخل حيز التنفيذ إلى حدود قانون المالية لسنة 2020، موضحا إلى أن حسن الأداء ثقافة تدبيرية جديدة من شأنها تدبير الصفقات العمومية، مبرزا أن تنزيل هذا القانون يصطدم مع تباطء الأجرءة، رغم وجود إمكانيات ضخمة

وتابع المتحدث ذاته، أن “الإصلاحات الأخيرة استحضرت الممارسات الجيدة المُطبقة على الصعيد الدولي، إلا أن تنزيلها يظل مخيّبا”، معتبرا أن “النفقات العمومية التي تتمّ في الاستيراد هي سبب رئيسي للعجز التجاري”، داعيا إلى “بلورة ثقافة تدبيرية جديدة”.

واستطرد إن “أعلى معدلات الاستثمار في العالم توجد بالمغرب، لكن بأقل مردودية في الآن ذاته”، موردا أن “الخطاب الملكي أشار إلى عقم النمو الاقتصادي نتيجة التداعيات الضعيفة للاستثمار على الواقع، ما يشكل جوهر النقاش بخصوص النموذج التنموي الجديد”.

من جهة أخرى، أوضحت سهام إبراهيمي، أستاذة في معهد الحقوق والعلوم السياسية التابع للمركز الجامعي الجزائري صالحي أحمد بالنعامة، أن “النظام الجزائري وضع آليات ضبطية وتنظيمية تسعى إلى القضاء على الفساد وحماية المال العام وترشيد النفقات العمومية، غير أنه مازال عاجزا عن القضاء على الفساد”، مشيرة إلى “وجود قانون جديد يتعلق بالصفقات العمومية التي تدخل في مجال الفساد”.

وواصلت المتكلمة ذاتها، إلى أن “القانون الجزائري جرّم الرشوة ومختلف الجرائم المشابهة لها، ويأتي على رأسها منح الهدايا للموظفين”، مبرزة أنه “رغم التشريعات القانونية القائمة، تظل الدولة الجزائرية عاجزة عن القضاء على الفساد، ولعل الدليل على ذلك المحاكمات الأخيرة التي توبع فيها وزراء ورئيس حكومة، ما يستوجب تكثيف المجهودات اللازمة لمحاربة هذه الجرائم”.

وتطرق محمد المودن، أستاذ القانون الإداري والمالية العامة بكلية الحقوق في المحمدية، إلى موضوع تعارض المصالح في الصفقات العمومية، مشيرا إلى أن “التشريع المغربي لم ينظم تضارب المصالح بموجب قانون خاص مكتفيا بمعالجة بعض مظاهره في نصوص قانونية متفرقة، بما يقترب من حالات الجمع بين المناصب والتنافي والمنع من مزاولة أنشطة معينة”.

وسجل المودن على أن المشرع المصري، عكس نظيره المغربي، سارع نحو اصدار قانون سنة 2013 يؤطر تعارض مصالح المسؤولين في الدولة، حيث حدد الأشخاص المعنيين به وحالات تنافيهم، وأنواع التضارب وحالاتها التي يمكن أن يوجدوا فيها.

وعرج أستاذ القانون الإداري والمالية العامة إلى نقطة مهمة تتمثل في “عدم فصل المشرع المغربي في المقصود بمفهوم تعارض المصالح”، موضحا أنه “يتم الحديث عن تنازع المصالح، وبعض الفترات عن تعارض المصالح وحالات التنافي والفساد والرشوة، فضلا عن غياب الآليات القانونية لضبط حدود الصلاحيات بكل تجرد واستقلالية، وغياب معايير قانونية للتمييز بين حدود المعالجة التأديبية والمعالجة الجنائية لتضارب المصالح بشكل عام والصفقات العمومية بشكل خاص”.

“وذيل مودن حديثه عن عدم تحديد المشرع المغربي لإجراءات واضحة وحقيقية من أجل تفادي الوقوع في تضارب المصالح في الصفقات العمومية، مستدلا على ذلك بـ”عدم التنصيص على الإجراء الواجب اتخاذه في حالة وجود متنافس في وضعية تضارب المصالح في تناقض مع تصريحه بالشرف، علما أن المشرع الفرنسي نص على استبعاد الأشخاص الذين وضعوا عروضهم ويوجدون في وضعية تضارب المصالح من إجراءات الصفقة”.

وانتقد الجامعي المغربي “عدم وجود مسوغ قانوني يفرض على الأشخاص المتدخلين في مسطرة الصفقة ضرورة الإفصاح عن عدم وجودهم في وضعية تعارض المصالح والجهة التي ينبغي التصريح لديها، ومسطرة وآليات مراقبتها والعقوبات المترتبة عن هذه المخالفة، وكذا عدم التنصيص على الاستمرار في تفادي تضارب المصالح بعد مغادرة الوظيفة خلال مدة معينة”.

وخلص المتحدث إلى “صعوبة حصر تمظهرات تضارب المصالح في الصفقات العمومية التي تفرزها الممارسة، وبالتالي تحديد قائمة إشارات التحذير التي من المحتمل أن تسهم في اكتشاف حالات تعارض المصالح، إلى جانب عدم معالجة قيمة الهدايا المحتملة المسموح بها، سواء قبل أو أثناء أو بعد إجراءات الشراء، أو عند إدارة الإجراءات أو العقود اللاحقة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي