مجتمع

العونات.. وفاة أقدم “قابلة” بالمغرب “ولدت أزيد من 2500 امرأة طيلة مسارها الممتد لأكثر من خمسين سنة”

عبد الله غيتومي – عن الصباح

ودعت “العونات”، خلال الأسبوع الماضي، فاطمة الغالي، أقدم “قابلة” ببلادنا، عن عمر يناهز 95 سنة. وخلف رحيلها حزنا كبيرا في منطقة دكالة، خاصة في أربعاء “العونات”، التابعة لإقليم سيدي بنور.

واشتهرت الفقيدة بأنها كانت ملاذا للكثير من الحوامل، حينما تستبد بهن أوجاع الوضع ويصلن مرحلة المخاض، في زمن لم تكن فيه إمكانية الولادة في مستشفيات ومصحات ودور ولادة متوفرة ومتاحة للجميع.
بدأت الغالي مسارها عندما تعلمت أبجديات التوليد من “قابلات” في مركز العونات، كانت يومذاك في العقد الثالث، لما نجحت في أول تجربة تخوضها بمفردها، وتوالت عمليات توليدها الناجحة بمرور الأيام، وذاع صيتها في كل ربوع العونات، وأضحت مقصدا لكل الحوامل اللائي يثقن في قدراتها، ويحبذن الوضع على يد “القابلة”، سيرا على نهج الجدات والأولين.

وذكرت ابنتها، التي ورثت منها مهارة التوليد، عندما توقف مسار والدتها، قبل أكثر من 15 سنة، بفعل تقدمها في السن، أن والدتها قضت خمسين سنة كاملة، في السهر على توليد حوامل، ليس فقط من مركز أربعاء “العونات”، بل من دواوير كثيرة بسيدي بنور، كن يقصدنها للغاية سالفة الذكر، ولا تتذكر كم عدد الحوامل اللائي وضعن على يديها، وإن أكدت أنه بمعدل 50 في السنة، ما يرفع العدد الإجمالي طيلة خمسين سنة إلى 2500حامل.

وزادت ابنتها أن والدتها فاطمة الغالي قامت بتوليد نساء كثيرات، وأشرفت أيضا على بناتهن في مسيرة حافلة بالنجاح. وتذكر ابنتها أن الحوامل كن يقصدنها للوضع بمنزلها، الذي كان عبارة عن مصحة تقليدية تؤثثها طقوس الإنجاب المتعارف عليها بالوسط القروي، وكن يمكثن عندها،في الغالب، يوما كاملا تحت مراقبتها.

وعن المقابل الذي كانت تتلقاه أتعابا لمهام التوليد، أكدت ابنتها أنها لم تكن تشترط مقابلا محددا، فهي تقنع بما جادت به أيادي زبنائها.
وطيلة مسارها المهني، استعصت عليها حالة ولادة واحدة انتهت بوفاة حامل بعد الوضع، وهي لا تمثل أي شيء، مقارنة بنسبة وفيات النساء الحوامل حاليا في المستشفيات العمومية والتي تتجاوز 12 في المائة.
وواكبت المرحومة تطورات عالم التوليد، وأضحت تستعمل “الخيط”، وبعض المستلزمات الطبية الضرورية الأخرى.

وكانت الراحلة مواكبة أيضا للتطورات التي طرأت على الحالة المدنية ببلادنا، إذ كانت تسلم شهادة ولادة الأطفال الذين “قبلت” أمهاتهم، للإدلاء بها لدى تسجيلهم في سجلات الحالة المدنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي