تربويات

سيدي بنور : في إطار المشاركة في مباراة الصحفيون الشباب من أجل البيئة مقال من إعداد التلاميــذ: اية جعي، فاطمة بلقشور، ايمن السعداني، بعنوان “الري بالغمر …الشجرة التي تخفي الغابة”

الجديدة اكسبريس

الري بالغمر، الري السطحي أو السقي الانجدابي: تعددت تسمياته، لكن يبقى عمله واحد، فهو تقنية سقوية تقليدية تقوم على ري المزروعات الفلاحية، عبر قنوات ترابية يتم شقها بانتظام داخل الحقل، هذه التقنية السقوية اصبحت خلال الآونة الاخيرة محطة اهتمام المنظمات العالمية والجمعيات البيئية، وكذا انشغالات السياسيات الحكومية لعدد من دول العالم.

ولهذا اخترنا من خلال هذا الربورتاج ان نغوص أكثر في موضوع السقي التقليدي بإقليم سيدي بنور عبر اقتفاء اثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على قطاع الفلاحة بالإقليم.

يخنق التربة و يزيد من نسبة الملوحة

وصف السيد خالد العلوي ، مهندس فلاحي بالمركز الجهوي للاستثمار الفلاحي -مقاطعة الزمامرة-، نظام السقي بالغمر بالوضع الخطير ، حيث انه لا يساهم في ترشيد الموارد المائية ،و اكدعلى “أن لنظام السقي بالغمر، تأثيرات سلبية على البيئة”، و يظهر ذلك من خلال الرقم الخطير الذي جاء في تصريحه، هو ضياع و فقدان ما يناهز نسبة 60% من المياه ، و التي تضيع بين شبكات الري ، و جوانب الحقول و جزء منها يتسرب الى الفرشة الباطنية، و احيانا يتم سرقتها عبر القنوات توزيع المياه.

كما تطرق نفس المتحدث إلى أن انتشار النباتات الضارة عند استعمال السقي السطحي، حيث ان تواجدها داخل الحقل له أثر سلبي على نمو المحاصيل من خلال منافستها للمزروعات الفلاحية في الغداء و المياه ، و حتى الهواء و الضوء ، و يضيف بأن “وجود الاعشاب الضارة داخل الحقول يمكن ان يؤدي الى خسائر في الانتاج يصل الى 30% “.

و في نفس السياق يصرح عبد العالم اكمير رئيس جمعية الخير “أن نظام السقي بالغمر يشكل خطرا على الفرشة الباطنية، بحيث عندما تتشبع التربة بالماء تتسرب المياه الزائدة الى باطن الارض، و تحمل معها بعض المبيدات و الاسمدة، و بالتالي تساهم في تلوث مياه الابار، و تصبح مصدر خطر بالنسبة لصحة الانسان، و يسترسل نفس المتحدث ” أن استعمال نظام السقي بالغمر يساهم في تركز الاملاح في تربة مما يجعلها مهددة بالتعرية و الانجراف”.

تكاليف باهظة و ربح محدود

أما بخصوص الانعكاسات السلبية لنظام السقي بالغمر على الوضعية الاقتصادية، تقول الباحثة في مجال تنمية سعاد المختاري، ” أن تقنية السقي بالغمر، تبقى تقنية تقليدية انعكاساتها على المردودية الفلاحية تبقى سلبية، إذا ما قورنت بتقنية السقي بالتنقيط، مثلا مردودية بعض المنتوجات كالقمح، فهي لا تتعدى 60 طن/الهكتار في حالة السقي بالغمر ، لكنها ترتفع الى 80 طن/هــ، في حالة اعتماد نظام الري الموضعي، نفس الامر ينطبق على منتوج الشمندر السكري، حيث ان مردوديته لا تتعدى 80 طن/هكتار، عند اعتماد السقي التقليدي، لكن تزيد عن 130طن/هــ، عند السقي العصري’.

و اردفت الاستاذة سعاد المختاري “أن اعتماد الفلاح على نظام السقي بالغمر يزيد من كلفة انتاج الفلاح، فمن جهة بفعل تساهم في ارتفاع فتورة المياه بسبب سوء ترشيد المياه، ، اما من جهة ثانية ، يزيد من كلفة استعمال المواد المخصبة، مما يدفعه إلى استعمال كميات مضاعفة من الاسمدة ، وذلك راجع الى كون المياه الزائدة التي تتسرب خارج الحقل تحمل معها جزء كبيرة من الاسمدة و مخصبات التربة.

“و في نفس السياق يحكي الفلاح احمد مراد انه “ما يزيد من معاناة الفلاح هو ارتفاع اجرة العمال الفلاحين،” و يوضح” أنه يحتاج لسقي 1 هكتار واحد 3 عمال خلال كل دورة سقوية، و تصل كلفتهم 300 درهم، هذا المبلغ قد يبدوا للبعض زهيد لكن مقارنة مع مدخولنا السنوي فهو كبير جدا”.

يشجع على الهدر المدرسي

حول الانعكاسات الاجتماعية للسقي بالغمر يقول محمد مراد، فلاح ينتمي الى دوار القروعة جماعة الغنادرة “بأن منذ احداث نظام السقي بالغمر بالمنطقة لمدة تزيد عن 15 سنة لم يتغير في حياتنا أي شيء ، لازلنا كما كنا، نشتغل ساعات تزيد عن 12 ساعة احيانا، و يزداد الوضع تأزما عندما لا نقوم بزراعة الشمندر السكري ، حينها، نكون مجبرين على بيع ماشيتنا و جزء من محصول من الحبوب لتسديد ديوننا.ويضيف الفلاح احمد أن ” استمرارنا في مزاولة النشاط الفلاحي في ظل نظام السقي “بالديكة”، هو فقط من اجل الحفاض على ملكيتنا للأرض، حتى لا تضيع منا في حال عدم تسديد الديون السنوية لفتورة مياه السقي.

و يقول يضيف المتحدث ذاته ان “عدد من الأسر الفقيرة تضطر الى توقيف أبنائها عن الدراسة، من اجل مساعدتهم في الاشغال الفلاحية اليومية، كالرعي و المساعدة في عملية السقي؛ خاصة أن عملية السقي تحتاج وقت طويل و تستمر لساعات طويلة، إذ في بعض احيانا قد يصادف دورك في السقي ساعات متأخرة من الليل، وفي هذه الحالة تكون مضطرا لتقضي ازيد من 5 او 6 ساعات لتوزيع المياه على الحقل عبر حَفر مسالك ترابية، لكن في الآونة الأخيرة اصبحت وضعيتي الصحية لا تسمح للقيام بذلك ، مما يجعلني اضطر استأجر بعض العمال الفلاحين للقيام بذلك.

و في ذات السياق تؤكد سعاد المختاري، الأستاذة البحثة في مجال التنمية الفلاحية، ان من بين الانعكاسات السلبية للري السطحي هو التدبير غير الجيد للوقت، خاصة بالنسبة للمرأة و الفتاة القروية التي تصبح مضطرة للاشتغال في الحقول طوال النهار، الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على حياتها الشخصية و المهنية.حيث ان المرأة لا تتمتع بالوقت الكافي من اجل التفرغ لتربية الابناء و القيام بالأشغال المنزلية، و بهذا تصبح المرأة ضحية “اتعاب دون فائدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي