تربويات

مخدرات، عنف لفظي وجسدي، تحرش جنسي، اعتداء بالسلاح الأبيض : هذا ما يعيشه «الحرم» المدرسي بالجديدة

الجديدة اكسبريس

شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا في حالات العنف داخل محيط المدرسة أو خارجها، سواء على مستوى العنف اللفظي والجسدي أو العنف المادي، اللذين يتبادلهما كل من التلميذ والأستاذ في حق بعضهما البعض.

فالمعطيات المتوفرة حول تنامي وتيرة العنف في الوسط التعليمي صادمة، والعنف أصبح صارخا بمحيط بعض المؤسسات التعليمية بالجديدة، “إعدادية حليمة السعدية واعدادية المنار والمجاهد العياشي مثالا”، حيث تنشط تجارة المخدرات بالثانويات، ويتوفر المرتع الخصب للعنف، الذي يقتحم فضاءات خاصة بالتربية والتعليم، ويتغلغل فيها مصيبا أطرها وأجهزتها بالعجز عن تحقيق الغاية من المنظومة التعليمية. 

فكثيرة هي شهادات كلا الطرفين، وكثيرة هي الأشرطة المصورة، التي توثق بالصوت والصورة لتدهور علاقة هذا الثنائي وتأزمها بشكل يدعو إلى القلق، خصوصا وأن هالة القدسية والاحترام سقطت عن كل من المدرسة والفاعلين تحت سقفها، ولم يعد للأستاذ حق التبجيل والوقوف احتراما، ولم يعد المكلفون التربويون والحراس العامون والإدارة في مركز قوة تفرض على التلاميذ الانضباط وتوجه تصرفاتهم وتقومها.

فالعلاقة التي كانت تربط بين مكونات المدرسة تحولت وفي ظرف وجيز، من مكان كان أشبه بدار للعبادة والتعبد، إلى حلبة صراع وملاكمة الغلبة فيها والبقاء للقوي.


ذلك أن عددا مهما من الأساتذة هشم تلاميذ وجوههم وأصابوهم بعاهات أو جروح تتفاوت درجة خطورتها. وكثير من التلاميذ تحولوا من تلميذ الأستاذ إلى ضحيته، وفقد بعضهم بصره نتيجة تعنيفه، وغادر آخرون فصول الدراسة نهائيا بسبب تعنيف الأستاذ لهم نفسيا عبر سبهم وشتمهم وإهانتهم أمام باقي زملائهم.


هذه العلاقة، صار يتبادل فيها الأستاذ والتلميذ الاتهامات بخصوص من يتحمل مسؤولية استشراء العنف في الوسط المدرسي، والتي يحملها كل فرد منهما إلى الآخر، وكل منهما يعتبر أن الحق في صفه، ذلك أن علاقة الأستاذ والتلميذ، تحولت اليوم، إلى علاقة جدلية تقوم على خطاب العنف والتوتر المتبادلين.

ذلك أن الشهادات الحية وواقع الحال ينذر بكارثة تكاد تعصف بنظام المغرب التعليمي، الذي يعد الحجرة الأساس في بناء مجتمع سليم وقويم، فعوض أن تتعلم الناشئة داخل المدرسة باعتبارها فضاء للتعلم والتربية وتنشئة القيم المجتمعية الصالحة، نجد اليوم هذه الناشئة سلكت مجرى معاكسا، وتقوت لدى بعضها نزعة العنف بكافة أشكاله، اللفظي والجسدي وحتى الرمزي، وإلى جانبها أيضا نجد بعض «المعلمين» الذين تتركز مهنتهم أساسا في تلقين الناشئة قيم التربية والتعليم، نجدهم، قد خرجوا نوعا ما عن مسارهم الأول، وصاروا يتبنون خطابات العنف.


ذلك أنه حين توجه الكلمة للتلميذ، فإنه يلقي اللوم على أستاذه، ويوجه له أصابع الاتهام أولا وقبل كل شيء. يصفه بأقدح الصفات، وينعته بأخرى أبشع، وكل ذلك يدل على كم يحمل التلميذ من فيض غضب وغيض لأستاذه. وحين تسأل الأستاذ من السبب في عنف التلاميذ وتدهور العلاقة بينهم وبين أساتذتهم، يجيب بأن السبب يكمن في تربية آبائهم، الذين لا يواكبون مسارهم الدراسي ولا يهتمون بهم، إضافة إلى أن المجتمع الذي ينشؤون فيه ربما يكون عنيفا…


أعذار كل منهما تختلف وتتعدد، لكن المتفق عليه أن كلاهما يوجه أصبع الاتهام للآخر، ويعتبره من أدى إلى تدهور علاقة من المفترض أنه يجب أن تتسم بالاحترام والتقدير المتبادل، وذلك بحسب مكانة كل منهما داخل المنظومة التعليمية، فمن يا ترى دفع بهذه العلاقة إلى الهاوية، وجعل المدرسة المغربية تعيش أزمة قيم وأزمة خطاب من المسلمات أنه يجب أن يحث ويبنى على الحوار والتواصل لا على العنف والجدل، والمحصلة تفيد بأن المنظومة التعليمية تكاد تختنق بتلوث فضاءاتها بسبب عنف الفاعلين تحت سقف مؤسساتها التعليمية من تلاميذ وأطر إدارية وتعليمية.


ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة، من يتحمل مسؤولية تردي أوضاع المدرسة المغربية وتدهور جودة التعليم وبروز مظاهر مشينة تكون قاعات الدرس وفضاءات المدرسة مسرحا لها، ومن يصلح ذات البين بين التلميذ والأستاذ لتعود إلى سابق عهدها في احترام متبادل واعتراف بحقوق وواجبات كل طرف على حدة، ومن يحد أو يقلص من ظاهرة العنف التي تغلغلت وتجدرت في بعض المدارس المغربية، وأثرت سلبا على جودة عملية التربية والتعليم.

الصورة توضح التسيب الذي يعيشه محيط إعدادية المجاهد العياشي والمنار :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي