سياسة وقانون

الانتخابات بين المرشحين الأرانب والمتنافسين على الريع في غياب المناضلين

عبد الواحد الطالبي


دخل المسلسل الانتخابي مرحلة العد العكسي لإعلان نتائجه بحلول موعد استقبال السلطات للترشيحات التي يبدو أن كثيرا من الأحزاب في المدن الكبرى عجزت عن إعداد قوائمها وما تزال تبحث عن مرشحين باسمها يلعبون دور أرانب السباق.

وفيما استعانت الأحزاب التاريخية بكتائب من الميليشيات الانتخابية ومحترفي الحزبية، تعبأت الأحزاب الناشئة بمنتسبيها وبآخرين يدخلون غمار التنافس في تجربة سيكون لها ما بعدها في استحقاقات السنوات المقبلة.

وكل الذين يتم التهافت عليهم لترؤس قوائم الترشيح والتسابق على استقطابهم لتمثيل الاحزاب في الدوائر الانتخابية بدأوا تجاربهم الأولى من ذيول القوائم ثم زحفوا متوسطين بالجمعيات المدنية وبأعمال الوساطة بين المنتخَبين والمواطنين في الأحياء  ذوي الحاجة لدى المجالس.

وإذا تبدو لوائح الترشيح متعددة وكثيرة، فإن أغلبها يخوض المعركة بالوكالة مدعوما ماديا ولوجيستيا من مرشحي الوزن الثقيل في التنافس على مقاعد الرئاسة وقيادة التحالفات لتشكيل مكاتب الحكم التمثيلي.

وكشفت لوائح الترشيح المعلنة الضعف التنظيمي والتأطيري للأحزاب جميعا والوهن والعقم الذي أصاب هياكلها في الغياب المسجل لأطر الأحزاب من المناضلين ومن كفاءات شبيباتها والذين استنكف المخلصون منهم الترشح في قوائم يقودها غرباء (اصحاب الشكارة) وبرر فيهم من ظفر برتبة الوصافة وضمن العشرة المبشرين بمقعد تمثيلي ما استطاع التبرير به لإخفاء واقع الأحزاب في مضمار التهافت على الريع الانتخابي.

وبلغ الجشع من هذا الريع أن بعض القيادات الحزبية لم يعد يهمها من مسؤولياتها التأطيرية والتنظيمية سوى ما تجنيه من مبالغ دعم الدولة في حصة مقررة بنسبة تغطية الدوائر الانتخابية بالترشيح الذي تتبرم الأحزاب من دعمه ماليا ومساعدته لوجيستيا ومصاحبته بالدعاية في معترك الأفكار والرجال بالبرامج الواضحة القابلة لأن تكون ممارسة واقعية.

ووحده الترشيح الذي ماتزال قيادات الأحزاب المغربية تؤمن فيه بالنسبة لمنتسبيها ب”النضال” تدعو خلاله مرشحيها إلى الإنفاق من أموالهم بل إن تزكية الترشيح أحيانا تكون موضوع مساومة ومقايضة بمال أوبمنصب أو معاوضة…

ولم تعد الانتخابات إثر ذلك في بلادنا استحقاقا ديمقراطيا تتجدد فيه النخب ويحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويسعد فيه الشعب بممثليه في البلديات ومجالس الجهات وفي البرلمان.

إن الانتخابات وجه من وجوه الريع يفرز كل نصف عقد فئة من أغنياء المال العام ولوبيات الضغط لتعطيل المبدإ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة وكذا تجميد مساطر المتابعات القضائية في حق ناهبي الثرورة ومقدرات البلاد، كما تعمق الانتخابات لاسيما في صيغة النظام الانتخابي الجديد اليأس لدى المواطنين لاسيما المثقفين وأطر البلاد من الكفاءات الوطنية الذين يهجرون السياسة بنفس الرغبة للهجرة من الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي