اخبار محلية

اختلاس ملايير”مازكان” … الرواية الكاملة “محصل مداخيل المنتجع استولى على مليارين و500 مليون ومكالمات أطاحت به”

أحمد ذو الرشاد

أنهى قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية بالجديدة، الثلاثاء الماضي، البحث التفصيلي مع المشتبه في اختلاسه مليارين و500 مليون سنتيم من منتجع مازكان بالجديدة. ومن المنتظر أن يحيل أوراق الملف على النيابة العامة لتسطير ملتمسها بطلب المتابعة من عدمها. وتم اكتشاف السرقة بداية شهر مارس الماضي، بعد حلول لجنة مكلفة بافتحاص ومراقبة مالية المؤسسة الفندقية، وتبين بعدها أن المتهم الرئيسي غادر التراب الوطني نحو إسبانيا.

توصلت النيابة العامة بشكاية من قبل إدارة المنتجع السياحي من أجل البحث حول ظروف وملابسات اختفاء مبلغ مالي مهم، فأحالتها على المركز القضائي لدى القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، لتعميق البحث والاستماع إلى كل الأطراف المعنية. وباشرت الضابطة القضائية أبحاثها وتحرياتها بالاستماع إلى المدير المالي المسؤول الأول عن المؤسسة ذاتها والعاملين تحت إمرته.

اكتشاف خصاص مالي

استمعت الضابطة القضائيـــــــــة للمسؤول عن الوحدة الفندقية وإلى كل الأطراف تمهيديا وتفصيليا، وعلمت أن المتهم، كان مكلفا بالسهر على تحصيل جميع المداخيل، بصفته وكيلا عاما للمداخيل، وكان مكلفا بجمع الأموال المحصلة من قبل وكلاء المداخيل العاديين لكل نقط البيع التابعة للفندق، بعد عد المبالغ المالية ووضعها في أظرفة خاصة، تحمل اسم نقطة البيع واسم الوكيل وتاريخ وساعة وضعها في خزنة خاصة.

وكان يقوم في اليوم الموالي بجمع هذه الأموال رفقة حارس أمن خاص تابع للمنتجع ويرافقه إلى الخزنة الرئيسية التي تقع تحت مسؤوليته، إذ يقوم بعد المبالغ المالية بحضور أحد المستخدمين التابعين للقسم المالي ووضعها بالخزنتين اللتين يسهر عليهما. وكلما تجاوز المبلغ المالي مليون درهم، يتم وضعه بالحساب البنكي للمنتجــــــع بإحدى الوكالات البنكية بالجديدة بواسطة سيارة تابعة للأمن الخاص للمنتجع ذاته. وكان يقوم بوضع مبالغ مالية رهن إشارة هؤلاء الوكلاء مقابل فواتير لحاجيات يتم اقتناؤها لفائدة المؤسسة الفندقية.

وتبين لها بعد البحث الاولي مع جميع الأطراف المعنية، أن المتهم غادر المغرب في اتجاه إسبانيا رفقة زوجته وأبنائه. وحررت الضابطة القضائية مذكرة بحث دولية في حقه، وظلت تترقب وقوعه في أية لحظة. وتوصلت يوم الخامس عشر ماي الماضي، ببرقية من قبل مصالح الدرك الملكي بالنواصر، تفيد إيقاف المشتبه فيه، حين عودته إلى أرض الوطن عبر مطار محمد الخامس. وانتقلت فرقة دركية لاستقباله واقتياده نحو مقر المركز القضائي بالجديدة.

رواية المتهم

أمرت النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بوضع المتهم تحت تدابير الحراسة النظرية، وباشرت جلسات الاستماع إليه، فصرح أنه من مواليد 1974 بمدينة طانطان وأنه انقطع عن الدراسة من السنة الرابعة إعدادي لعدم رغبته في متابعة تعليمه. وحصل على دبلوم في كهرباء السيارات بعد خضوعه للتكوين مدة سنتين. واشتغل في مجال الأمن الخاص، وعمل حارسا خاصا لدى مواطن أجنبي، وظل يتابع تكوينه في مجال الفندقة عبر المراسلة وحصل على دبلوم ثان في المجال نفسه. واشتغل بوحدة فندقية معروفة بالدار البيضاء.

وتمكن من الحصول على منصب محصل للعائدات بالمنتجع السياحي. وقبل فترة افتتاحه رسميا سنة 2009، تقدم بطلب لدى إدارته، وتم رفض طلبه قبل أن يتوصل بمراسلة عبر بريده الإلكتروني، تعرض عليه عقد عمل مقابل مبلغ مالي يقدر بحوالي 10 آلاف درهم. وانضم إلى المؤسسة نفسها واشتغل مسؤولا على التحصيل المالي. واستفاد من تكوين مهني سريع وباشر عمله.
وأنيطت به مهمة محصل عام لمداخيل الفندق التي تتمثل في مداخيل المطاعم والمتاجر وغرف الإيواء والكولف وحمامات التدليك. وتم وضع خزانتين فولاذيتين رهن إشارته. وباشر مهامه تحت إشراف المدير المالي السابق (م.غ)، الذي سلمه مفتاحا واحدا لكل واحدة منهما. وسلم المفتاحين الآخرين للمدير المالي التنفيذي (م.أ).

وأضاف أن الأمور كانت عادية، إلا أنه خلال سنة 2010، لاحظ نقصا ماليا قدر في 120 ألف درهم وأخبر رئيسه المباشر (م.غ) عبر رسالة إلكترونية، فطلب منه التريث. وبعد مرور شهر على ذلك، ذكره بالأمر، فظل يماطله إلى أن علم بفصله عن العمل. واضطر إلى إخبار رئيسه، فوعده بالنظر في الأمر، لكنه لم يفعل قبل أن يعلم بطرده هو الآخر. وظل المشكل قائما، واضطر المتهم إلى الشروع في تغطية الخصاص المالي، من راتبه الخاص دون إخبار المسؤولين عن القسم المالي. واقترض مبلغا ماليا من الوكالة، التي تتعامل معها المؤسسة السياحية وأرجعه إلى الصندوق.
وفي سنة 2013 اكتشف خصاصا ماليا كبيرا قدر في 1.800.000.00 درهم وأخبر رئيسه المباشر (ع.ف). وقاما بجرد وافتحاص جميع العمليات المالية المتعلقة بالخزنة، فتم الوقوف فعلا على اختفاء المبلغ المعلوم. ووعده بضرورة إخبار المدير المالي الذي وعد بحل المشكل، باعتبار المبلغ ضمن المصاريف المختلفة (خسارة) عن سنة 2014.

وظل يمارس مهامه بصفة اعتيادية إلى حدود شهر فبراير الأخير، حينما استفاد من عطلة سنوية مدتها عشرة أيام، وأرسل، بعد نهايتها، شهادة طبية مدتها عشرة أيام أخرى، لكن إدارة المنتجع منحته ستة أيام، بعد إخضاعه لفحص طبي مضاد.

واتصل به مساعده وأخبره أن لجنة مكلفة بافتحاص مالية المؤسسة الفندقية، اكتشفت نقصان مبلغ مالي مهم قدر في 25 مليون درهم (ملياران ونصف مليار سنتيم). وخوفا من الإيقاف قرر مغادرة المغرب رفقة زوجته وأبنائه، يوم الثالث من مارس الماضي، في انتظار ترتيب أوراقه لمواجهة هذا المشكل. واستقر بشقة مفروشة مدة شهرين تقريبا، خضع فيها للعلاج قبل أن يقرر العودة إلى المغرب لمواجهة التهم الموجهة له.

المواجهة والإنكار

وبعد طــــــــــــــرح الأسئلـــــــة المرتبطة بكيفية تدبيــــــــــر وتسير الشــــــق المالي ومــــــدى مسؤوليتــه عن اختفـــــاء المبلغ المالي على المتهم، أنكر أية علاقة له بما تم اكتشافه من خصاص مالي مهم. وسألته الضابطة القضائية، إن كان يتوفر على حسابات بنكية خارج المغرب وإن كان يتوفر على عقارات وأملاك داخل أو خارج أرض الوطن في اسمه أو اسم زوجته وأبنائه، فأجاب بالنفي.
وواجهته الضابطة بدلائل وقرائن قوية، ترتبط بسفره إلى إسبانيا عبر سيارة فخمة من نوع «فيراري»، وسفر زوجته وأبنائه عبر سيارة أخرى من نوع «مازيراتي»، فصرح أنهما في ملكية زوجته، اشترت الأولى هدية له من مالها الخاص، لأنها تملك مطعما فاخرا بالجديدة ورثته عن أبيها.

وواجهته الضابطة نفسها بفحوى مجموعة من المكالمات الهاتفية، تم استخراجها بتنسيق مع النيابة العامة وشركة الاتصالات، تتعلق بحوارات مع أشخاص حول تحويل مبالغ مهمة إلى العملة الأوربية (الأورو)، وضخ أموال أخرى في حسابات توجد خارج المغرب. وفيما اعترف بأن الصوت صوته، ادعى أنه لم يعد يتذكر تاريخ ومضمون الحوارات.
وواجهته الضابطة بحوار هاتفي يتعلق بمفاوضات من أجل شراء فندق بإسبانيا بمبلغ 500 مليون، فاعترف بأن الصوت صوته وأنه كان يناقش شخصا لمعرفة سعر الفنادق، لأنه كان يحلم منذ صغره بشراء فندق منذ كان يعمل بمجال الفندقة.

وووجه المتهم أيضا بمكالمة أخرى مع فتاة صرح من خلالها أنه يتوفر على منزل بمنطقة «بويرتو بانيس» وأخبرها أنه ينوي إقامة مشروع بإسبانيا، فأقر بأن المكالمة كانت في إطار دردشة مع فتاة تعرف عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» وهو مجرد كلام للتسلية ليس إلا.
وبخصوص الاتصال بشخص ومفاوضته حول شراء شقة، أفاد أنه اتصل بالشخص المعني بالأمر، في إطار معرفة أسعار العقار فقط. وعرضت عليه مكالمة عن رغبته في تغيير الزيوت لسيارتيه الأولى من نوع «بورش كيان» والثانية من نوع «بورش كاريرا»، وأفاد أن الأمر يتعلق بتبديل الزيوت لسيارتين في ملكية زوجته.

من أين لك هذا؟

من خلال مجريات البحث خلصت الضابطة القضائية إلى تسجيل عدة ملاحظات وأسئلة ظلت عالقة، دون أن يتمكن المتهم من الإجابة عنها إجابات واضحة وصريحة. وسجلت الضابطة القضائية، أن المتهم اعترف بتوصله براتب شهري لا يزيد عن 12 ألف درهم ونفى امتلاك عقارات غير الطابق السفلي للفيلا، التي يقطن فيها رفقة زوجته. وأنكر توفره على حساب بنكي بالخارج.

وسجلت الضابطة القضائية تملكه لسيارة من نوع «فيراري» يقدر سعرها ب60 مليون سنتيم وطابق سفلي لفيلا بكدية بن إدريس يصل سعرها إلى أكثر من 100 مليون سنتيم. وتبين لها أنه كان يملك سيارتين من نوع «بورش» وسبق له أن فتح حسابا بنكيا في اسمه وآخر في اسم زوجته بإسبانيا.

وأن حسابه البنكي بالمغرب توفر في فترة معينة على مؤونة حوالي 60 مليونا، في حين أن حساب زوجته، كان يحتوي على حوالي 200 مليون سنتيم ووضع فيه 80 مليون سنتيم يوم 11 أكتوبر الماضي وتم ضخ المبلغ ذاته في الحساب نفسه 12 يوما بعد ذلك. كما تبين أنه يملك شقة بإسبانيا وأنه دخل في مفاوضات لأجل اقتناء فندق فاخر بإسبانيا.
ويبقى السؤال مطروحا حول مصادر هذه الأموال الكثيرة، إذ حاول تبرير مصادرها، بأن زوجته، تملك مطعما وسط المدينة، يصل مردوده خلال فترة الصيف إلى 40 ألف درهم يوميا وهو أمر مستبعد جدا.

تهريب وتحويل أموال

في اتصال هاتفي آخر، جرى بينه وبين شخص آخر، سأله عن المبلغ المالي، الذي يريد تغييره بعملة الأورو، فصرح له قائلا: «260 مليون ديالنا»، وطالبه بضرورة إعادة النظر حول قيمة الصرف. فأجابه الطرف الآخر بأن «هاد الفلوس كاتجي من فرنسا»، مؤكدا أن هذه العملية يتدخل فيها ثلاثة وسطاء، واحد من المغرب والثاني والثالث من إسبانيا، لأن المبلغ المالي المراد تحويله إلى الأورو يصعب جمعه من شخص واحد.

وعبر المتهم عن رغبته في تحويل المبلغ المالي عبر حساب بنكي لأنه لا يحبذ التعامل ب»النوار». ووعد الطرف الآخر باتصاله ب»أشرف» للسؤال عن مصير مبلغ 34 ألف أورو، الذي أرسله له عبر السوق السوداء. واعترف بأن الصوت صوته وأنه لم يعد يتذكر هوية المتصلين ولا موضوع المكالمة.
وخلافا لإنكاره لتوفره على حساب بنكي بإسبانيا، عرضت الضابطة القضائية عليه مكالمة، ورد فيها، أنه اتصل بشخص يسمى أنس وأخبره أنه فتح حسابا بإسبانيا واستفسره هل يضخ المبلغ المالي فيه بالدرهم أم بالأورو.

وأضاف أنه سيضخ مبلغا في حسابه الشخصي وآخر في حساب «المدام»، لتفادي المساءلة القانونية. ووعده بتمرير رقمي الحسابين إليه. ولم يختلف جوابه عما سلف. وفي مكالمة أخرى مع الشخص ذاته، أخبره أنه سيضع 600 ألف وقد يضيف 100 أخرى وطلب منه تحويل 60 في «السيمانة الجاية»، يعني 600 ألف درهم أو 60 مليون سنتيم.

وتوالت المكالمات المرتبطة بتهريب أموال عديدة، 800 و530 وغالبا ما يتعلق الأمر بالدرهم أي 800 ألف درهم (80 مليون سنتيم) و35 مليون سنتيم.

وعرضت الضابطة عدة مكالمات، من بينها حوار مع زوجته يتحدث إليها في شأن جلبه عدة (باكيات) تضم مبالغ مالية مختلفة بالدرهم والعملة الأجنبية، أفادت فيها الزوجة أنها عدت الأوراق من فئة 100 و50 هكذا. ولم تختلف إجابته رغم إقراره بأنه دائما يكون طرفا في المكالمات الهاتفية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي