مجتمع

متى دخل قطار المسافرين إلى مدينة الجديدة ؟

عبد الله غيتومي

اخترع جورج ستيفانسن أول قاطرة بخارية سنة 1814 وكان على المغرب أن ينتظر 97 سنة أي بالضبط سنة 1916 لينطلق به أول قطار إبان الحماية الفرنسية وقد أطلق عليه المغاربة تسميات متعددة منها “بابور البر” و”الماشينا “.

ومدينة الجديدة كان عليها أن تنتظر 173 سنة من اختراع ستيفانسن و71 سنة من دخول القطار إلى بلادنا ، لتستقبل أول قطار للمسافرين يربطها بالدارالبيضاء ، كان فعلا حدثا كبيرا في ذلك اليوم الذي أدخل فيه المكتب الوطني للسكك الحديدية “الماشينا “إلى دكالة .

فعلى الساعة السابعة والنصف من صباح يوم 27 مارس 1987 ، تحرك أول قطار نحو الدارالبيضاء وكان لي في ذلك اليوم شرف السفر في أول رحلة رفقة أستاذي رحمه الله عزالدين هماني ، أذكر أن كثيرين لم يكن لهم في ذلك اليوم غرض في السفر ، ولكن حب التمتع بالماشينا كان دافعهم إلى ذلك .

بدأت الرحلات بين الجديدة والبيضاء بقطارين فقط ليسا من النوع السريع ، لم يكن الإقبال كما كان يتوقع المكتب الوطني للسكك الحديدية ، إذ بالكاد لم يتجاوز عدد مستعملي القطار بين الجديدة والبيضاء يوميا 400 مسافر ذهابا وإيابا ، استمرت الوضعية على هذا الحال ودون تطور ، وفسر عزوف الدكاليين من الماشينا بارتباطهم التاريخي بالسفر بواسطة “الكيران ” وأيضا ببعد محطة القطار في أرض خلاء لم يكن البناء وصلها كما هوالآن ، إذ كان من المفروض بل المقرر أن تكون محطة القطار في المكان الذي يوجد فيه مركب العدالة ، لكن أصحاب حافلات النقل عارضوها بشدة لأنهم اعتبروا ذلك سيشكل منافسة شديدة لهم تضعف مداخيلهم .

ذات صباح جاء الناس إلى محطة القطار بالجديدة لحجز تذاكر سفر إلى البيضاء ، كانت صدمتهم كبيرة عندما وجدوا المحطة مغلقة ، وأمامهم إعلان كتب بأحرف كبيرة “المكتب الوطني للسكك الحديدية يعتذر عن إغلاق المحطة وسحب القطار من الجديدة ” كان في صباح يوم 16 دجنبر من سنة 1996 ، وبرر المكتب قراره بضعف مردودية خط الجديدة البيضاء ، وأبقى فقط على قطارات نقل الفوسفاط والبضائع والفحم الحجري إلى الجرف الأصفر .

شاع الخبر بين سكان الجديدة وكانوا يعتقدون بأن الأمر مؤقت ، مرت سنة وسنتان وتحولت المحطة إلى مجرد وكر عششت فيه الطيور ، ومع مرور الأيام أدرك برلمانيو دكالة أنها فعلا “حكرة ” وإهانة لإقليم الجديدة ، فقرروا أن يضعوا نزاعاتهم الانتخابية جانبا ويتوحدو ا للمطالبة بعودة القطار إلى الجديدة ، وفعلا ذات صباح كان لقاؤهم بالوزير الأول آنذاك عبدالرحمان اليوسفي والمصطفى المنصوري الذي كان يشغل منصب وزير النقل والملاحة التجارية ، وانتهى اللقاء بطمأنتهم على التدخل لدى المكتب الوطني للسكك الحديدية لإرجاع الماشينا إلى دكالة .

وفي صباح يوم 22 أكتوبر 2oo1 رجع القطار إلى الجديدة بقرار وقعه يومذاك كريم غلاب الذي كان مديرا للمكتب الوطني للسكك الحديدية ، لكن هذه المرة بإقبال كبير ، إذ يصل عدد القطارات الرابطة بين الجديدة والبيضاء في الاتجاهين إلى 18 قطار في اليوم الواحد بمعدل 2000 من المسافرين يوميا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي