اخبار محلية

الجديدة: طوح به التيار الكهربائي من علو 10 أمتار “إدريس كان الله يرحمو نقي ومكايظلم حتى واحد” تفاصيل مصرع عون سلطة

بقلم: عبدالله غيتومي

الحادث وقع في منطقة ينتشر بها البناء العشوائي

لم يكن إدريس وضاح البالغ من العمر 60 سنة والأب لأربعة أبناء وعون سلطة برتبة مقدم قروي، يعتقد أن زيارة تفقدية لورش عشوائي لبناء منزل من طابقين، ستقوده إلى حتفه، عندما صعقه تيار كهربائي عالي الضغط أرداه قتيلا على الفور.

ففي حدود الساعة الحادية عشرة من صباح الأربعاء الماضي اهتز دوار تكني 2 التابع ترابيا إلى الجماعة القروية مولاي عبدالله على وقع ارتطام جسد المقدم مع الأرض بعدما طوح به التيار الكهربائي من علو 10 أمتار.

التقطنا الخبر وانتقلنا إلى مسرح الحادث، الذي هو دوار تكني 2 المقابل للحي الصناعي. كان الدخول إليه شبه مستحيل لانتشار عربات باعة متجولين. توغلنا بصعوبة إلى الداخل، كان الأمر رهيبا مهما وصفناه. مدينة عشوائية بكاملها نبتت كالفطر بعضها على عهد “الربيع العربي”، ومعظمها في عهد القائد السابق المنقل مؤخرا إلى كلميم ومقدمين أحدهما محكوم الآن بستة أشهر نافذة والثاني لازال يمارس مهامه.

صادفنا شيخا من أهل الدوار قال لنا إن المنزل مسرح الحادث، هو من جملة منازل كثيرة بنيت على مساحة هكتار كانت عبارة عن أرض فلاحية وبالضبط تم الشروع في البناء العشوائي في شهر أبريل من سنة 2018، دون أن يتحرك القائد المنقل ومعاونوه لإيقاف البناء المذكور الذي تم على أرض يمر فوقها تيار عالي الضغط قادما من الجرف الأصفر في اتجاه الحي الصناعي بالجديدة، رغم أنه عاين أن مسافة الأمان غير متوفرة وأن حياة الناس غير مؤمنة.

وصرح لنا شاب آخر أن المقدم الضحية هو في الأصل مقدم دوار أولاد الشايب وأنه فقط ينوب عن المقدم المدان بالسجن، واستطرد “لقد جاء قبل ثلاثة أيام عند صاحب المنزل العشوائي الذي يتحدر من سيدي إسماعيل، ونبهه إلى عدم قانونية الأشغال الذي يقوم بها، وطالبه بالكف عن الاستمرار في تعلية الأسوار، وأنه عاد صباح أول أمس وصعد إلى سطح المنزل لهدم الزيادات، لكنه لم ينتبه إلى أحد أسلاك الضغط العالي الذي جذبه من عنقه ورمى به إلى الأسفل جثة هامدة”.

وأكد معظم سكان الدوار أن الضحية كان قيد حياته يؤدي مهامه بإخلاص لخصته امرأة عجوز “إدريس كان الله يرحمو نقي ومكايظلم حتى واحد”.

قبل أن تضيف “شوف أوليدي ادريس قتلو البناء العشوائي ماشي التيار الكهربائي” ظلت الكلمات الأخيرة للعجوز ترن في آذاننا، فعلا العشوائي هو الذي قتل عون السلطة وحتما له ضحايا في المستقبل كثيرون، في غياب أدنى شروط الصحة والسلامة، إذ لا يعقل أن نجد مدرسة طه حسين الابتدائية في قلب مجاري صرف صحي متروكة للعراء وفي أحضان نفايات وروائح ليكسيفيا كريهة قادمة من مطرح النفايات .

قبل أن ننصرف توغلنا أكثر في الدوار. اكتشفنا أوراش بناء عديدة ومنازل من طوابق متعددة يوحي طلاؤها أنها بنيت خلال الأربعة أشهر الماضية، وهي إدانة صريحة لأعوان السلطة الحاليين الذين غضوا الطرف لسبب أو لآخر عن تنامي ظاهرة البناء العشوائي، التي لها ما بعدها من انعكاسات سلبية على السكان في غياب شبه تام للبنية التحتية الضرورية لعيش كريم، وتشكل أيضا خطرا زاحفا على مدينة الجديدة في الأمدين القريب والمتوسط.

واقعة مصرع “المقدم” في بناء عشوائي، شهادة إدانة صريحة للقائد السابق لمولاي عبدالله، الذي نما عهده البناء العشوائي، فيما اكتفت وزارة الداخلية فقط بتوبيخه وتنقيله، في الوقت الذي يقتضي الأمر محاكمة فترة إدارته لتراب الجماعة، وما ترتب عنها من سلبيات، تجعلنا نجزم أن الجديدة طامتها الكبرى في المستقبل وليست بسبب روائح الجرف الأصفر، ولكن الخطر الزاحف عليها من أحزمة فقر طوقتها من كل الجهات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي