مجتمع

بين المقهى والمقهى..مقهى آخر “الجديدة الأرض التي تنبت إلا المقاهي..الكثير من المال والقليل من الأفكار”

الجديدة اكسبريس – أسامة طبيقي

بلغت أعداد المقاهي بمدينة الجديدة في السنوات القليلة الماضية مستويات قياسية بعدما كانت معدودة على رؤوس الأصابع، مقهى فيخرة والحسنية ومقهى ولد اللاوية وخالي ابراهيم كلها أسماء لمقاهي شعبية اثتت في تسعينيات القرن الماضي شوارع مدينة الجديدة وكان أغلب رواد هذه المقاهي يترددون عليها لمشاهدة مباريات الفريق الوطني مع مشروب غازي آنذاك عندما كانت شاشة التلفاز بالأبيض والأسود وكل هذا كان بدرهم واحد، فكبار السن منا لايزالون يتذكرون كيف كانت المقاهي فضاءات لصقل الذوق العام وتبادل المعارف.

حيث كانت في ما مضى فضاء للالتقاء وتبادل الأخبار والخبرات وكان فيها نوع من التخصص فهناك مقاهي السوق للتجار، ومقاه للمثقفين ومقاه للسياسيين ومقاه شبابية ومقاه للمتقاعدين… حيث تجد كل شريحة ضالتها فيها وتلتقي بمن يشبهها في الوضعية والاهتمامات.

واليوم رأينا كيف تحولت مدينة الجديدة كلها إلى مقاهٍ وبين المقهى والمقهى يوجد مقهى آخر، ما اضطرنا للتساؤل عن الدواعي التي تدفع بالمستثمرين إلى تفضيل الاستثمار في هذا الميدان دون غيره من الميادين؟

ربما هي تجارة مربحة وإلا لما انتشرت هذه المقاهي بالجديدة كالفطر وكأن الناس لا هم لهم سوى أن يدخنوا ويمضوا أوقاتهم في احتساء القهوة وتمضية الوقت فيما لا يفيد، حيث ان مدينة الجديدة لما تتوفر عليه من مؤهلات ومناخ جيد بإعتبارها مدينة ساحلية تحتاج مستثمرين لهم أبعاد فكرية وخلق مشاريع جديدة توفر الشغل لأبناء الجديدة منهم من يتوفرون على شواهد عالية عوض جلوسهم في مقاهي يحتسون القهوة بكل حزن وغم عوض الإستمتاع بها بعدما فشلوا في إيجاد فرص شغل تأمن لهم العيش الكريم، حيث تعتبر البطالة عامل أساسي في تفسير ظاهرة الإقبال المتزايد على المقاهي.

الأمر الذي يكشف أن غالبية روادها عاطلون عن العمل وليست لديهم فضاءات غير المقهى قادرة على استيعابهم وجذبهم باعتبار أوضاعهم المعيشية الصعبة ويصبح المقهى الحل الوحيد المتوفر، ثم يتحولُ تاليا إلى مفصل من دائرة يوم الشاب المفرغة المتكررة : البيت والمقهى والتسكع.

ان أسباب ميول المغاربة للاستثمار في المقاهي والمشاريع التي تشبهها كمطاعم الوجبات السريعة تلخصه مقولة: “الكثير من المال والقليل من الأفكار” فمدينة الجديدة هي مدينة تحولت من المدن الصغيرة الى مدينة باتت تجذب المستثمرين بعدما قام المغرب بعدة إصلاحات إقتصادية و إجتماعية و قانونية لتأمين وتسهيل إقامة المستثمرين منهم الأجانب عن طريق التدابيير الضريبية المشجعة، تبسيط وتوحيد المساطر عن طريق خلق مراكز جهوية للإستثمار.

هي فئة من المغاربة تخزن الأموال وتنتظر نجاح شخص ما لتقوم بتقليد فكرته وهذا يدل على انعدام ثقافة الابتكار التي تقتل الرواج وتصيب هذه المقاهي بالكساد حيث أن أغلب من يستثمرون في هذه المشاريع يفتقدون للخبرة الكافية في مجال الفندقة والسياحة التي تعتبر من الركائز الأساسية لنجاح هذه المشاريع التي تحولت بعضها إلى فضاءات لتضييع الوقت و الانحراف وترويج الممنوعات.





اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي