مجتمع

لالة عائشة ومولاي بوشعيب … قصة حب لم يرى الشمس في آزمور !!

بقلم حسن فاتح

تعد قصة الحب المثيرة والعنيفة التي عاشها مولاي بوشعيب الرداد ولالة عائشة البحرية، خلال القرن 11 ميلادية، من القصص الاسطورية في الروايات الشعبية عند المغاربة، لتلج بعد ذلك إلى العالمية عندما قام البعض بكتابتها في قصص أو تدوينها على شكل حكايات في الانترنت، لتصبح من القصص المشهورة على سبيل قصة قيس وليلى، روميو وجولييت،  كليوباترا ومارك انطونيو، أوديسيوس وبينلوبي، نابليون وجوزفين، سكارليت وريت، الاميرة ديانا و دودي الفايد …

هذه القصة قد حولت مدينة آزمور العريقة، ضد إرادة الآزموريين وتاريخ بلادهم الحضاري، ونقلت مدينتهم من مكان للعيش والسكينة الى فضاء للحب والشفاء والتبرك، يلجأ اليها مرضى القلوب والعقم وقلة الحظ.

تحكي الحكاية الغريبة أن “لالة عائشة” قدمت من بغداد في رحلة عبر البحر تبحث عن الوالي الصالح مولاي بوشعيب الرداد، الذي طبق زهده وكراماته الأفق، بعدما تعرفت عليه أثناء مقامه في بغداد، حين كان يتابع دراسته لأصول الشريعة الإسلامية، فتعلقا ببعضهما البعض إلى حد الجنون، غير أنهما فوجئا برفض زواجهما، فكانت الصدمة قوية على مولاي بوشعيب ليعود خائبا إلى قريته بآزمور.

لكن مرض الهوى لم يخلي سبيل قلب “لالة عائشة البحرية” الطاهر، ولم تلبث حتى عقدت عزمها على البحث عن الحبيب ولقائه، فشدت الرحال عبر السفر من العراق بالباخرة، لكن أدركها الموت غرقا حينما بلغت أطراف شاطئ الحوزية عند مصب وادي أم الربيع، و لم تنل “المسكينة” حظوة اللقاء بمحبوبها، فدفنت هناك ليشيد على قبرها ضريح، فأصاب الخبر مولاي بوشعيب بالحسرة والحزن،  ليقرر بعدها أن يعيش عازبا ما تبقى من حياته.

وبالرغم من النهاية غير السعيدة للالة عائشة البحرية فإن قصتها تحولت إلى حب أزلي، وستبدأ النساء في زيارة ضريحها قبل أن يتحول إلى ملاذ الباحثات عن عرسان طال انتظارهم، فيلجأن للسباحة في شاطئ الروح الممدود، وتصطف أجسادهن للتبرك وللتطهر من درن “العكس”  ورجس “التابعة”، ليحلمن بما سيأتي به المستقبل الواعد، فيقمن بالرسم على جدار قبرها رسوم الأمل والتمني بالحناء، كما لايمانعن من زيارة قارئات الحظ والفنجان، فوصفة الوصول إلى قلب فارس الأحلام وكسب ود الرجال والأحبة جاهزة وسهلة المنال في شاطئ لالة عيشة البحرية .

تقول نساء شاطئ لالة عائشة البحرية أن الزائرة لابد لها أن تستحم بماء البئر في الخلوة، وهي عبارة عن غرفة صغيرة، تترك فيها السيدة ملابسها الداخلية لتتخلص منها في ركن مهل غير بعيد عن الشاطئ حتى يتحقق لها المراد، ثم تضع بخورا في “المجمر”، ويتم كسره بعد أن تخطو فوقه سبع خطوات جيئة وذهابا.

يزعم زوار هذه الوالية الصالحة بانها واهبة للزوج ومانحة للسعد، وهي التي حرمت قيد حياتها من الزوج والرفيق والحبيب، فهل فاقد الشيء في دنياه سيعطيه لمريديه وهو من عداد الآخرة.

هكذا إذن نجحت جهات مستفيدة في تحويل طقوس الدجل والشعوذة إلى مواسم سياحية بالبلاد، وتحويل شاطئ الحوزية الى ضريح لالة عائشة البحرية تؤمه النساء الراغبات في الزواج والرجال الطامعين في الشفاء والتخلص من السحر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي