مجتمع

مدينة الجديدة بين الوهم والمنطق

سفيان الهائلي

إن المجال الحضري لمدينة الجديدة كالمدينة الفاضلة أو الطوباوية التي أشار إليها أفلاطون، المدينة المثالية التي لا وجود لها المتخيلة التي يحكمها فلاسفة ظنا منه أنه لحكمتهم سيجعلون من المدينة معيارا ونموذجا ومركزا وقطبا رائد ذا إشعاع ثقافي ومجال لائق للحياة ورمزا للكمال الإنساني و الإجتماعي.

لكن للأسف هي مدينة خيالية أساسها لاوجود له. هذا ما أصبحنا نراه في مدينة الجديدة وتزامنا مع اقتراب كل حملة إنتخابية تبدأ خطابات أفلاطونية طوباوية تحلق بعيدا وتستحضر مخيلة أرسطوقليس بنكهة عصرية إغرائية مالية لنشر قيم المدينة الفاضلة، فكيفية تمرير هذه الخطابات للساكنة الجديدية تمر عبر لوبيات وما أكثرهم في هذا المجال يستغلون الفيسبوك لتمرير بضاعتهم الخربة لحشو دماغي وجوده لاينفع، فبدل أن يتحدثوا عن وضعية المدينة وربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الطغاة المفسدين من أجل تدبير عقلاني تشاركي ومسؤول يساعدنا في بناء منظومة حكماتية جيدة إلا أنهم يغردون خارج السرب ويزيدون الطين بله من أجل مصلحتهم الشخصية، يطلقون عنان التقديس والتمجيد لقادة لم يقدموا شيئا لهذه المدينة يلمعون صورتهم بمنشورات لاتليق بهم يبيعون مواقفهم وولائهم وانتمائهم، هذا الأمر لايقتصر فقط عن هؤلاء حتى المنظومة الإعلامية بهذا المجال ارتدوا لباس ليس لهم، هم مجرد قنبلة يتم تفجيرها وقتما شائوا.

لذا فمدينة الجديدة تحتاج إلى شبكات إعلامية بكفاءات عالية تضغط على الأجهزة التنفيدية للتحرك للنهوض بالشأن المحلي.أشار أفلاطون إلى ترسيخ مبادئ الإنتماء والإخلاص في عملية بناء المدينة الفاضلة بحيث شبه شعب هذه المدينة بالجسد الواحد، فالجسد يتكون من عدد لا نهائي من الخلايا الحية، هذه الخلايا هي أفراد المجتمع بكل فعالياته الذي لا يمكن أبدا العيش خارج هذا الإطار (الجسد).

هذا التشبيه أجد أننا من الصعب إسقاطه عن مدينة الجديدة لأن في هذا الجسد خلايا سرطانية لا يمكن مقاومتها مما يبقي الحال عن ماهو عليه.

فحسب صحيفة ”ديلي ميل“ البريطانية أن هناك أبحاث من جامعة كينج كولدج في العاصمة لندن على أورام القولون والمستقيم في المختبر، وتوصلوا إلى بروتين مرتبط بجزيء يوجد في الجهاز المناعي يسمى بـ”بي جي بي بي” قادر على قمع الأورام وانتحار الخلايا السرطانية الخبيثة هذه الجامعة وجدت حل لمقاومة هذه الفيروسات فما دمنا نقاوم هذه الخلايا الخبيثة فمن السهل مقاومة هؤلاء اللوبيات بحقنة تستطيع السير بمدينة الجديدة لدروب الإزدهار و التقدم لذا فدور الصحافة والإعلام المحلي مهم جدا في عملية الضغط السياسي وتجنيد الرأي العام تحث صوت واحد، هنا أستحضر حديث رسول الله عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، هنا الوحدة والمحبة والإخلاص التي دعى له رسول الله جل جلاله.

فكفى من الصراعات والتحالفات لسنا في زمن الغاب فالنمل إذا اجتمع إنتصر والفحم باتحاده يشتعل وبتفريقه ينطفئ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي