مجتمع

الفعل النضالي ومعادلة التغيير

مقال حر-سفيان ورساني

من يتأمّل أهميّة الفعل النضالي و قيمته في بناء السلوك الإجتماعي يجد أن هناك أناسا جاهدوا وبذلوا الكثير في مقابل التنعم بالحرية والكرامة الإنسانية، فالنضال لون من ألوان المساعدة التي يقدمها المناضل من أجل الوصول إلى هدف مشترك، وهو بذلك بعد عن الأنانية يتناول فيها الدفاع عن قضايا متعددة متعلقة بالواقع المعيش، ومما لا شك فيه أن هذا الفعل يزكي قوة المجتمع وتماسكه ويساعد على تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبهذا يعتبر النضال ضروريا للتقليص من الفوارق و نسف كل أشكال الطبقية الاجتماعية الجوفاء التي يعاني منها الأفراد في الحياة الاجتماعية، يتجاوز هذا المفهوم كونه وسيلة للدفاع عن حقوق المستضعفين في الأرض بل هو أيضا عبرة تاريخية تنقص من عمر الاستبداد وربان يقود مسيرة التغيير نحو نصرة من خنقهم الظلم والعدوان.

قد يبدو الحديث عن مثل هذه المواضيع أمرا بديهيا لكن في جوهر الأمر إن هذا الموضوع هو مشروع تغييري يستلزم منا الوقوف على حيثياته وتجلياته مع العلم أن ليس هناك تعريفا مطلقا للفعل النضالي، حيث يظهر لنا جليا وبالواضح الملموس أن له مستوى خارجي قابل للملاحظة والفحص الموضوعي، أي يجوز مروره من الدراسة الموضوعية والعقلانية التي ستمكننا من سبر اغواره، ومستوى خفي أكثر عمقا واحتجابا يصعب مع هذا المستوى تحقيق المبتغى الأول، الشيء الذي يستدعي منا التعامل معه ليس فقط كمجرد مفهوم نظري بل كواقعة أو ظاهرة إجتماعية لها تطبيقاتها على أرض الواقع، هذه الأخيرة من سماتها التطور والإنتشار داخل المجتمعات البشرية التي تتطلع إلى غد مشرق وصباح ينير بضوء الحرية والأخلاق، يتبين إذا، أن لهذا النموذج من وسائل التغيير عدة أشكال الغالب عليها طابع التضحية من أجل الأخرين بمعنى إسترخاص مصيرك في مقابل أن ينعم الأخر بالعدالة الإجتماعية والرفاه العادل, وإن تحقق هذا ستتحقق معه معادلة التغيير التي لطالما تحققت ولكن ليس بالشكل الذي يريده العامة من الأفراد داخل هذا المجتمع.

بما أن النضال إبن المجتمع فهو اذن غير مفصول عن الواقع برهاناته وصراعاته ومصالحه المختلفة، وهو غير مفصول عن التغيرات التي عرفها الفكر الإجتماعي، وقد كانت هذه النظرة من العوامل الأساسية التي أكدت لنا دور الفعل النضالي في تأسيس مجتمعات تطمح دائما إلى التغيير لأن هذا الفعل هو قوة قادرة على تصحيح المسار عبر مخاطبتها لإنسانية الإنسان وإنطلاقها من صلب أحرار المجتمع.

من المعروف والمألوف أن النضال رمز لصمود الوحدة والتغيير حيث عرفه الطالب حمزة الفاتيحي، بأنه عبارة عن شكل من أشكال التعبير عن مواقف معينة والدفاع عن ثلاث مطالب أساسية “الحرية الكرامة والعدالة الاجتماعية، أما عند صلاح الدين لعلام طالب شعبة علم الاجتماع بالجديدة، فهو طريق يمكن من خلاله تحقيق العدل لفئة من الناس وميكانيزما لتحقيق التغيير، واعتبرته طالبة شعب الدراسات العربية بكلية المولى إسماعيل بمكناس من خلال تعبيرها التالي”لهذه الكلمة صدى خاص عندي، فالنضال هو طريقة من الطرق لتحقيق العدل، وهو أيضا وسيلة للتعبير عن الرأي، وهو يشمل مصطلح الكفاح”ومن جهته يرى الطالب نصرو يوسف على أن النضال حرارة تغييرية يشعر بها من له كرامة، وذاق يوما طعم الحرية أو لم يستسغ يوما معاني العبودية، وأكد زهير الشرقي على أن المناضل صاحب مبدأ ينظر إلى داخله ليتأكد هل فيه ما يجعله قادرا على إحتواء الأخرين والتحاور معهم ومقارعة الحجة بالحجة والإلتزام بأخلاقيات التواصل والدفاع عمن تختلف عنه شكلا ومضمونا.

قد يغيب من تصورنا للنضال عدة مسائل مهمة وأساسية، لكن لن يهدأ لنا بال دون التفكير في مشوار التغيير الذي ينشده كل مناضل مسؤول يعلم جيدا أن سياسة الأجهزة الإستبدادية، لن تزول بالصمت وإنما بالنضال ويعلم أيضا أن التغيير لا يأتي بالصدفة، وإنما بالعمل والمثابرة في أداء التحرير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: !! المحتوى محمي