الجلسات عن بعد بالجديدة… تنويه وإشادة

إنجاز: أحمد سكاب
تجارب تقنية يشرف عليها مهندس إعلاميات بالمحكمة قبل انطلاق الجلسات
شهدت الغرفة الجنحية التلبسية بابتدائية الجديدة، برئاسة القاضي حسن أبلول، مواصلة جلسات “المحاكمة عن بعد”، التوجه الذي لقي استحسانا من قبل هيأة العدل بالمدينة، في إطار الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
وعاينت الجريدة الاثنين الماضي، في حدود الساعة الثانية عشرة ونصف، بقاعة الجلسات بالقطب الجنحي، حضور بعض المحامين بهيأة الجديدة مرتدين كمامات طبية، مع احترام تام لمسافة التباعد، في انتظار التحاق هيأة الحكم، وكذا تجهيز قاعة الاستماع الخاصة بالمتهمين بالسجن المحلي سيدي موسى.
قبل بدء انطلاق الجلسة، اتخذت تجارب تقنية أشرف عليها مهندس إعلاميات موظف بالمحكمة الابتدائية. وخلافا لما كانت تشهده قاعة الجلسات من اكتظاظ من قبل المتقاضين والمعتقلين وأقربائهم وبعض الفضوليين من أجل متابعة أطوار المحكمة، أصبحت الجلسات تعقد في زمن انتشار فيروس “كورونا” عبر تقنية “المحاكمة عن بعد”، وذلك في إطار مساهمة الأسرة القضائية في نجاح هذه التجربة التي يتواصل من خلالها رئيس الهيأة والمتهم المعتقل بسجن سيدي موسى بالصوت والصورة، بحضور محامي المتهم إذا ما طالب بتعيين دفاعه.
انطلاق المحاكمة
بعد عملية تجريب تقنية للصورة والصوت، افتتحت الجلسة باسم جلالة الملك، أعلن عنها رئيس الهيأة من خلال النظر في الملفات المعروضة على أنظار المحكمة بالقاعة رقم 2، والتي تتشكل من القاضي رئيس الهيأة وممثل النيابة العامة وكاتب الضبط، وبتنسيق مع المسؤول عن الإعلاميات بابتدائية الجديدة، وكذا بتنسيق مع إدارة السجن المحلي سيدي موسى حيث يوجد المتهمون، إضافة إلى حضور رئيس كتابة النيابة العامة ورئيس مصلحة كتابة الضبط بالمحكمة ذاتها.
وخلال مناقشة أول ملف معروض يتعلق بقضية اعتداء متهم على زوجته بالضرب والجرح، ظهر موظف السجن على الشاشة ينادي على المتهم بسجن سيدي موسى، حيث جلس المعتقل فوق الكرسي المخصص للتواصل مع رئيس الهيأة، إذ بادر القاضي بأخذ موافقة المتهم في ما إذا ما كان يوافق على إجراء المحاكمة عن بعد أم يعارضها، حيث أجاب المتهم بالموافقة على إجرائها عن بعد وكذا دفاعه، ضمانا لمرور المحاكمة في ظروف عادية وعادلة.
ملفات معروضة
من بين الملفات التي عرضت على هيأة الغرفة الجنحية التلبسية، الاثنين الماضي، والتي كانت بمثابة ملفات جاهزة، والتي يتابع فيها متهمون في حالة اعتقال بجنح حيازة والاتجار في المخدرات، إضافة إلى ملفات تتعلق بالضرب والجرح المتابع فيها زوج اعتدى على زوجته بواسطة السلاح الأبيض، وأصيبت بإصابات بالغة في مختلف جسدها، وكذا متابعة متهمين في ملفين يتعلقان بإصدار شيكات دون مؤونة، وملف يتابع فيه متهم على خلفية إهمال أسرة تقدمت ضده زوجته بشكاية بعدما رفض تسليمها مستحقاتها المالية عند طلاقها منه، فيما عرفت الجلسة نفسها تأجيل عدد من الملفات المتابع فيها متهمون في حالة اعتقال إما بسبب إعداد الدفاع أو منح مهلة لإجراء الصلح في بعض الملفات المتعلقة بالضرب والجرح، كما تميزت هذه الجلسة بموافقة جميع المعتقلين المتابعين بإجراء المحاكمة عن بعد دون ضغط أو إكراه.
تتبع السير العادي
نجح رئيس المحكمة الابتدائية بالجديدة، عبد الرزاق محسن، في ضمان مرور جلسات المحاكمة عن بعد في ظروف جيدة في زمن “كورونا”، بعد توفير جل الإمكانيات والوسائل التقنية، حيث عاينت “الصباح” قبل الجلسات وبعدها حضور رئيس مصلحة كتابة الضبط، سعيد فكري، ورئيس مصلحة النيابة العامة جواد أفوس، السير العادي داخل محكمة القطب الجنحي بالجديدة، إذ لوحظ وجود موظفين في بعض المكاتب والأقسام التي تعمل على وجه الاستعجال والتي تواكب ملفات جنحية تلبسية ذات طابع استعجالي والمتابع فيها متهمون معتقلون.
النيابة العامة
أحدثت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالجديدة، منصة إلكترونية وهاتفية خاصة باستقبال ومعالجة الشكايات الإلكترونية أو الهاتفية المتعلقة بموضوع العنف ضد النساء والأطفال، كما وضعت رهن إشارة المواطنين والمواطنات وكذا مختلف الفاعلين المحليين المتدخلين في مجال حماية النساء والأطفال داخل النفوذ الترابي للمحكمة، رقما هاتفيا خاصا عل تطبيق “واتساب” قصد التدخل الفوري، يعمل به على مدار 24 ساعة في اليوم وطيلة الأسبوع.
وأعلن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالجديدة عن إحداث المنصة الإلكترونية والهاتفية من خلال خلية التكفل بالنساء والأطفال التي قامت بتعبئة جميع الإمكانيات اللوجستيكية والبشرية لديها، من أجل ضمان حماية النساء ضحايا العنف وتفعيل مقاربة استباقية للوقاية منه، وذلك مواكبة للجهود المبذولة من قبل المملكة المغربية لمواجهة تفشي جائحة كورونا ولمقتضيات المرسوم المنظم لحالة الطوارئ الصحية التي تعرفها بلادنا، وكذا تفعيلا للإجراءات التي اتخذتها رئاسة النيابة العامة، سيما الدورية عدد 20 س/ ر ن ع بتاريخ 30/04/2020 حول مناهضة العنف الممارس ضد المرأة والطفل، خاصة في فترة الحجر الصحي والتي تقتضي تقليص تنقل الأفراد والمرتفقين إلى المحاكم حماية لهم من خطر الإصابة أو العدوى. وقد تم تأمين المنصات المحدثة عبر الأنظمة المعلوماتية لرئاسة النيابة العامة حماية للمعطيات الشخصية للأفراد.
نجاح التجربة
عبر عدد من المحامين بهيأة الجديدة الذين حضروا جلسة المحاكمة عن بعد، عن ارتياحهم من خلال الأجواء الجيدة التي ميزت هذه المحاكمة منذ تطبيقها تزامنا مع الإجراءات المتخذة في إطار الحد من انتشار وباء “كورونا”، إذ أكد بعض المحامين أن هذه التجربة تعتبر رائدة في القضاء المغربي، التي تم خلالها الاعتماد على وسائل تواصل تقنية، وأن هذه العملية لم تؤثر على سير الجلسات، بل حافظة على نسق إيقاعها، رغم قرار منع حضور عائلات المتقاضين والعموم، حيث تميزت بتتبع المعتقلين المتابعين بأسئلة رئيس الهيأة بالصوت والصورة بشكل واضح ودون صعوبات.